يمثل الحكم الصادر ضد سنغاري أبو بكر سيديكي، الشخصية المثيرة للجدل في عالم الأعمال، نقطة تحول حاسمة في المعركة ضد الاحتيال واللا إفلات من العقاب الاقتصادي في ساحل العاج. فقد أدانت العدالة الإيفوارية المتهم بشدة، وحكمت عليه بـ 25 سنة سجن نافذ، بالإضافة إلى غرامات ثقيلة بلغت 15 مليار فرنك إفريقي، ومنعه من الإقامة على الأراضي الوطنية، في رسالة واضحة مفادها أن لا أحد فوق القانون مهما كانت مكانته أو شبكة علاقاته.
في القضية الأولى، تم الحكم على سنغاري بالسجن خمس سنوات نافذة وغرامة رمزية، على خلفية محاولة تحويل احتيالي لمبلغ 30 مليون يورو باستخدام وثائق مزورة، في واقعة اعتُبرت انتهاكًا صارخًا ومضايقة ضد مصرف SIB.
لكن القضية الثانية هي الأخطر، إذ تتعلق بعملية احتيال دولية، أُدين فيها الدبلوماسي السابق بتهمة الابتزاز الواسع للأموال من شريكه كومباوري. وقد تجاوزت المحكمة في حكمها توقعات الجميع، حتى أنها ذهبت إلى أبعد مما طلبه المدعي العام، ما يعكس إرادة حقيقية لإرساء حكم قضائي نموذجي في مواجهة التجاوزات المالية.
ويحمل هذا القرار القضائي أبعادًا مؤسسية هامة، حيث كَشَف عن آليات نظام احتيالي بُني على اعتراف دبلوماسي مزيف، واتفاق مقر وهمي، وقرار إداري تم تحويله إلى أداة تلاعب واستغلال. كما أعاد هذا الحكم فتح النقاش حول آليات الرقابة على المنظمات التي تدّعي الصفة الدولية، ويمهّد الطريق لإلغاء القرار الإداري الذي سبق للضحايا أن طعنوا فيه أمام مجلس الدولة.
وبالتالي، فإن ما تم تعزيزه ليس فقط العقوبة الموجهة للفرد المُدان، بل مصداقية النظام القضائي بأكمله. هذا الحكم الجريء يُعيد الثقة للفاعلين الاقتصاديين والمواطنين المتضررين، ويُظهر أن العدالة قادرة على التصدي للفساد بحزم ووعي.
