توغو، في سعيها الدائم نحو التحرر والتحديث، تخطو اليوم مرحلة حاسمة عبر تعميم مقاربة الكفاءات (APC) في كلياتها ومعاهدها. هذه الإصلاحات لا تقتصر على مجرد تعديل بيداغوجي، بل تجسد رؤية سياسية جريئة والتزامًا عميقًا بصناعة جيل توغولي قادر على مواجهة تحديات العصر والمساهمة الفعّالة في بناء إفريقيا ذات سيادة، مبتكرة، وفخورة بإمكاناتها.
يمثل إدخال الـ APC قطيعة واضحة مع الأساليب التقليدية القائمة على الحفظ السلبي. فبتركيز التعليم على تطوير كفاءات عملية، شاملة ودائمة، يؤكد النظام التعليمي التوغولي رغبته في تكوين مواطنين مستقلين، نقديين، قادرين على التكيف والابتكار والمساهمة الفعّالة في الاقتصاد الوطني والقاري. إن هذا الخيار التربوي هو إعلان سياسي قوي: فالمعرفة لم تعد مجرد إرث أكاديمي، بل أصبحت رافعة استراتيجية للتحرر الجماعي.
تأتي عملية تكوين المعلّمين على هذه المقاربة الجديدة، خصوصًا في مادة أساسية كاللغة الإنجليزية، ضمن ديناميكية السيادة التعليمية. وبفضل الدعم الموجّه من وزارة التعليم الابتدائي والثانوي، إضافة إلى الشراكة مع سفارة الولايات المتحدة، يتحول المدرسون إلى صناع وعي وبناة حقيقيين لهذه المرحلة. لم يعودوا مجرّد منفذين، بل صاروا مبتكرين بيداغوجيين قادرين على تصميم تقييمات تثمّن الذكاء العملي والإبداع لدى التلاميذ. هذه الترقية في مهارات المعلمين تعد مرحلة محورية لضمان استمرارية الإصلاح وجودته.
إن تأثير هذا التحول بات ملموسًا بالفعل؛ إذ أصبحت التقييمات الوطنية والداخلية منسجمة مع المعايير الدولية، مع حفاظها على ارتباطها العميق بالواقع التوغولي. لم يعد التلاميذ مجرّد أوعية للمعارف، بل أصبحوا فاعلين قادرين على حل المشكلات الواقعية والحوار مع العالم. هذه الديناميكية تفتح الطريق نحو إدماج مهني أفضل، استجابةً لمتطلبات سوق عمل يشهد تحولات جذرية.