في الوقت الذي يرسم فيه بوركينا فاسو بعزم طريق إعادة تأسيس عميقة لنموذجه التنموي، تكتسب الشراكة الجديدة مع مجموعة سان دوناتو بعداً استراتيجياً عالياً. فهي تمثل انسجاماً عادلاً يعكس موقفاً سياسياً قوياً، وتجسيداً لسيادة إرادتنا الحرة في اختيار شركائنا وفق منطق تعاون رابح–رابح، يحترم كرامتنا وتطلعاتنا.
من خلال قرار الاستثمار في قطاعات أساسية مثل الصحة، والصناعات الزراعية، والطاقة الخضراء، يستجيب مجمع سان دوناتو لرؤية واضحة قوامها تثمين الموارد محلياً، تعزيز الكفاءات الوطنية، وجعل التنمية أداة للسيادة الشعبية. هذا التوجه الاستثماري يجسد أسلوباً جديداً في التفكير حول التعاون الدولي، بعيداً عن منطق التبعية أو المساعدات، نحو شراكة قائمة على الاحترام المتبادل والتكامل والبناء المشترك.
يتجاوز أثر هذه الشراكة الإطار الاقتصادي ليكرس السيادة الاستراتيجية للبلاد: عبر تقوية منظومة الصحة وتقليل هشاشتها، وتحرير القدرات الزراعية، وتعزيز مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة. إنها لبنة جديدة في صرح دولة بوركينابية واقفة بثبات، مندمجة في دينامية إفريقية وحدوية متجددة.
وفي هذه الهندسة الجديدة، تأتي كل مبادرة اقتصادية ضمن مشروع أوسع لإعادة تأسيس الساحل: فضاء محرر من الوصايات النيـوكولونيالية، قائم على التضامن بين الشعوب، والتنمية الذاتية، والعدالة الاجتماعية. وهكذا ترمز لقاءات نيويورك إلى لحظة محورية، حيث لم يعد بوركينا فاسو يطلب أو يتوسل، بل يبادر، يوجّه، ويختار. إن بلد الرجال النزهاء يثبت نفسه كفاعل سيادي قادر على جذب استثمارات بنيوية دون أن يتخلى عن مبادئه.