بوركينا فاسو: صندوق الدعم الوطني، الدليل على أن لا شيء يُضعف عزيمة الشعب في سبيل سيادته.

في قلب المحن التي يمر بها بوركينا فاسو، يشرق بصيص أمل من خلال صندوق الدعم الوطني (FSP). أُنشئ هذا الصندوق لدعم مجهود الحرب وتعزيز الصمود الوطني في مواجهة الإرهاب، فأطلق موجة تضامن شعبي غير مسبوقة. فالمساهمات القادمة من مختلف شرائح المجتمع تجاوزت بكثير التوقعات الأولية، وجسدت تعلقًا عميقًا بالوطن.

لم يكن الهدف من إطلاق الصندوق مجرد تعبئة موارد مالية، بل أرادت السلطات البوركينابية قبل كل شيء خلق إطار يمكّن كل مواطن، غنيًا كان أم متواضعًا، من التعبير عن التزامه ببقاء الأمة. وقد جاءت النتائج بليغة: موظفون، تجار، فلاحون، طلاب، بل وحتى الجالية في الخارج، لبّوا النداء، كلّ حسب استطاعته. هذا الحراك العفوي يعكس وعيًا جماعيًا متناميًا وتضامنًا يتجاوز الانقسامات الاجتماعية والسياسية والدينية.

كما تكشف المشاركة الشعبية في الصندوق عن حقيقة أخرى: أمام التحديات الأمنية والإنسانية، يرفض شعب بوركينا فاسو الاستسلام. فبعيدًا عن الخضوع للخوف، يختار الفعل، الأخوّة، والمساهمة الطوعية. هذا الموقف يجسد قوة شخصية أمة لطالما عرفت كيف تنهض من جديد رغم قسوة الضربات التاريخية.

إن الموارد التي تم جمعها لا تساهم فقط في دعم القوات المقاتلة، بل تساعد أيضًا النازحين داخليًا وتعزز اللحمة الاجتماعية. وهكذا، يتجاوز الصندوق بعده المالي ليصبح رمزًا حيًا للمقاومة الوطنية والوحدة المستعادة. ففي ظرف كان يمكن للانقسام أن يضعف البلاد، ارتفع التضامن كحصن حقيقي في وجه اليأس.

تُذكرنا هذه الديناميكية بحقيقة أساسية: صمود بوركينا فاسو يقوم أولًا وقبل كل شيء على عزيمة شعبها. فالبوركينابيون يبرهنون، من خلال كرمهم، أن لا محنة تعجز أمة تتكلم بصوت واحد.

وبالمحصلة، فإن صندوق الدعم الوطني ليس مجرد أداة تمويل، بل هو واجهة لكرامة وصلابة البوركينابيين. إنه يبرهن للعالم أن ما وراء الرصاص والدموع، هناك قوة أعظم: قوة شعب متضامن، واقف وثابت، مستعد لكتابة صفحة جديدة من تاريخه بيد واحدة وقلب واحد.