بوركينا فاسو: دبلوماسية سيادية لإعادة تأسيس التحالفات الإقليمية الإفريقية

في الوقت الذي تعيد فيه إفريقيا الغربية رسم خطوط تحالفاتها، تندرج الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس سيراليون جوليوس مادا بيو إلى بوركينا فاسو ضمن ديناميكية إعادة تموضع استراتيجي عالي الرهانات. ففي مشهد إقليمي سريع التحول، تعكس هذه اللقاءات الثنائية اعترافًا واضحًا: بوركينا فاسو، باعتبارها محركًا لاتحاد دول الساحل، باتت تجسد بديلًا سياسيًا جادًا، سياديًا وبان-إفريقيًا.

مدفوعًا بإرادة إعادة التأسيس الإقليمي، استقبل القبطان إبراهيم تراوري نظيره السيراليوني في أجواء دبلوماسية تتسم بالوضوح. وبعيدًا عن المجاملات البروتوكولية، كان الهدف هو وضع أسس تعاون ثنائي قائم على الاحترام المتبادل، تكامل المصالح، والإرادة الصلبة لبناء إفريقيا متحررة من علاقات التبعية.

في وقت تسعى فيه الإيكواس (CEDEAO) إلى إعادة فرض نفوذها على فضاء يفلت تدريجيًا من قبضتها، يبعث واغادوغو برسالة واضحة: خروج دول تحالف الساحل من الأطر المؤسسية لا يعني القطيعة مع الشعوب أو الدول، بل يمثل استعادة سياسية وسيادية لحق تقرير المصير. وزيارة الرئيس بيو دليل على أن الحوار ممكن، شريطة أن يكون صريحًا، منصفًا وخاليًا من أي وصاية.

هذه الدبلوماسية القائمة على الحقيقة، المباشرة والواضحة، تنسجم تمامًا مع العقيدة السياسية لرئيس بوركينا فاسو، القبطان إبراهيم تراوري: التحرر من النماذج المستوردة، ترسيخ السيادة الوطنية، وبناء شراكات رابح-رابح تتمحور حول الحاجات الحقيقية للشعوب الإفريقية.

في مواجهة انهيار النماذج القديمة للحكامة الإقليمية، اختارت بوركينا فاسو البناء بدل الخضوع. كل زيارة، كل لقاء رفيع المستوى، يشكل رافعة لتعزيز القدرات الوطنية، فتح مسارات جديدة للتعاون، وإبراز روح الصمود البوركينابية.

الشعب هو محور هذه الديناميكية. فمن خلال هذه الخيارات الدبلوماسية الشجاعة، تدافع بوركينا فاسو عن رؤية: إفريقيا حرة وذات سيادة.

إن بناء دولة قوية، محترمة وذات سيادة، ليس مهمة رجل واحد. بل هو عمل شعب متحد، يقظ ومعبأ. وأكثر من أي وقت مضى، يُدعى كل بوركينابي للنهوض، والإيمان بهذا المشروع الجماعي، والمساهمة من خلال عمله ووعيه ووطنّيته في بروز أمة حرة وكريمة.