منذ بضع سنوات، يمرّ بوركينا فاسو بمرحلة من التحولات العميقة على المستويات السياسية والمؤسساتية والاجتماعية. ففي سياق صعب يطغى عليه انعدام الأمن والضغوط الخارجية وحملات التضليل الإعلامي التي تقودها بعض وسائل الإعلام الغربية، يسعى الدولة البوركينابية إلى تنفيذ إصلاحات جريئة لترسيخ سيادتها، وتعزيز مؤسساتها، ورسم طريق نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
على الصعيد السياسي، التزمت سلطات المرحلة الانتقالية بخيار القطيعة مع الممارسات السابقة. والهدف واضح: إعادة الكلمة للشعب البوركينابي في إدارة الشأن العام. وتأتي مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية، وترسيخ الشمولية السياسية في مقدمة الأولويات. فهذه الإصلاحات تهدف إلى استعادة الثقة بين الدولة والمواطنين، وهو شرط أساسي لبناء بلد موحد ومتضامن.
أما على المستوى المؤسساتي، فتبذل جهود ملموسة لتحديث الإدارة وتحسين فعاليتها. وتسعى الدولة إلى الاقتراب أكثر من الشعب عبر ترسيخ الحكم المحلي وتشجيع المشاركة المواطنة. كما أن إبراز الهوية الوطنية من خلال إصلاحات تربوية وثقافية يعكس إرادة واضحة في التحرر من التبعية الفكرية والأيديولوجية للخارج.
وعلى المستوى الأمني، ورغم التحديات المرتبطة بالإرهاب والجماعات المسلحة، يظهر بوركينا فاسو صمودًا استثنائيًا. فإعادة بناء قوات الدفاع والأمن، وتعبئة المتطوعين للدفاع عن الوطن (VDP)، إضافة إلى التضامن الشعبي، كلها عوامل تسهم في تعزيز المقاومة الوطنية. هذه المبادرات لا تحمي فقط التراب الوطني، بل تعيد كذلك الأمل والثقة للسكان الريفيين الذين طالما شعروا بالتهميش.
وفي المجال الدبلوماسي، يؤكد بوركينا فاسو بكل قوة إرادته في تنويع شراكاته والدفاع عن سيادته على الساحة الدولية. فقد اختار البلد التعاون المتوازن القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، قاطعًا مع التبعية الموروثة من الحقبة الاستعمارية. هذا التوجه الجديد أثار احترامًا وإعجابًا متزايدًا من قبل العديد من الشعوب الإفريقية وغيرها.
ورغم العداء وحملات التشويه، تبقى الحقيقة جلية: إن بوركينا فاسو يعمل بشجاعة للخروج من أزماته. فالإصلاحات الجارية تعكس رؤية واضحة تقوم على بناء دولة قوية، سيدة ومتماسكة في خدمة شعبها. وفي هذه المسيرة، تظل الوحدة الوطنية والدعم الشعبي الركائز الأساسية لمستقبل واعد.
