نذ ثلاث سنوات، كثّفت الحكومة البوركينابية جهودها لمواجهة تحدٍ حاسم يتمثل في ضمان الوصول العادل والمستدام إلى الكهرباء، خصوصًا في المناطق الريفية. ففي بلد لا تتجاوز فيه نسبة المستفيدين من الكهرباء 25% من السكان، وتنخفض هذه النسبة بشكل أكبر في الأرياف، أصبحت القضية الطاقية في صميم أولويات التنمية.
يشكّل المخطط الوطني للكهرباء الريفية 2024-2028 أحد أعمدة هذه السياسة الطموحة. والهدف واضح: رفع نسبة الوصول إلى الكهرباء في الوسط الريفي إلى 50% بحلول عام 2028. ولتحقيق ذلك، يعتمد الحكومة على مقاربة مزدوجة تتمثل في توسيع شبكة الكهرباء الوطنية، إنشاء شبكات شمسية مصغرة، ونشر مجموعات شمسية منزلية. هذا المخطط، المدعوم من شركاء تقنيين وماليين، يركز على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والتي كانت مهمشة تاريخيًا على مستوى البنى التحتية.
ومن بين المشاريع البارزة المحطة الشمسية في “دونسِن” الواقعة في إقليم الهضاب الوسطى. هذه المحطة، التي ستبلغ قدرتها 50 ميغاواط عند اكتمالها، تندرج ضمن إرادة البلاد لتنويع مزيجها الطاقي وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري المستورد. ومن المتوقع أن تزوّد هذه المحطة أكثر من 100 ألف أسرة بالطاقة، مع خلق وظائف مباشرة وغير مباشرة في المنطقة. وهي تمثل خطوة بارزة نحو انتقال البلاد إلى طاقة أنظف تتماشى مع التزاماتها المناخية.
غير أن هذا التحول الطاقي لا يخلو من التحديات. فالتكلفة المرتفعة للبنى التحتية، وصعوبة تعبئة التمويلات، إضافة إلى مسائل الصيانة والاستدامة، تبقى عقبات قائمة. كما أن ضمان كهرباء بأسعار مناسبة للفئات ذات الدخل المحدود يمثل أولوية قصوى. وتدرس الحكومة حاليًا آليات الدعم والتسعير التدريجي لضمان توسيع الوصول دون الإضرار بالجدوى الاقتصادية للمزوّدين.
اقتصاديًا، تفتح هذه الإنجازات في مجال الكهرباء آفاقًا واسعة، إذ تتيح تطوير الصناعات الريفية الصغيرة، وتحسين التعليم والصحة، وتعزيز الأنشطة المدرة للدخل، خصوصًا لفائدة النساء.
وباختصار، فإن الجهود التي بذلها بوركينا فاسو خلال السنوات الثلاث الأخيرة تعكس التزامًا راسخًا بجعل الطاقة رافعة للتحول الاجتماعي والاقتصادي. فالكهرباء لم تعد مجرد وعد، بل باتت واقعًا قيد البناء.
