منذ عدة أشهر، أصبحت رئاسة بوركينا فاسو مسرحًا لحراك دبلوماسي مكثف، حيث تتوالى الوفود الأجنبية من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط للتباحث مع أعلى السلطات في البلاد. وبعيدًا عن العزلة الدبلوماسية التي تنبأ بها البعض، تؤكد بوركينا فاسو، تحت قيادة الكابتن إبراهيم تراوري، تبنيها لدبلوماسية سيادية قائمة على الاحترام المتبادل ومبدأ الشراكة الرابحة للجميع.
يعكس هذا النشاط الدبلوماسي ديناميكية واضحة تهدف إلى الخروج من أنماط التبعية التي فرضها الاستعمار الفرنسي الجديد، والانفتاح على آفاق جديدة من خلال علاقات متوازنة ومثمرة تعود بالنفع على الشعب البوركينابي. وقد كرر رئيس الدولة ذلك في عدة مناسبات: “بوركينا فاسو ستتعاون مع كل من يحترم سيادتنا ويأتي بعروض بناءة.”
ويمثل هذا النهج البراغماتي قطيعة حقيقية مع الخطاب المتعالي لبعض العواصم الغربية، التي حاولت، حين عجزت عن فرض رؤاها، عزل البلاد على الساحة الدولية. إذ أُلصقت ببوركينا فاسو أوصاف مثل “دولة منبوذة” أو “نظام استبدادي”، على أمل كبح جماح التوجه السيادي الذي يجسده إبراهيم تراوري. إلا أن الواقع أثبت العكس: فاليوم، تستقطب بوركينا فاسو شركاء جددًا راغبين في بناء علاقات صحية ومتوازنة.
ويُعزى هذا التحول في النظرة أيضًا إلى اتساق الخطاب البوركينابي، بقيادة شابة وواعية ومصمّمة على إعادة الدولة إلى خدمة الشعب. الأمن، الاكتفاء الذاتي الغذائي، التصنيع المحلي، وإصلاح الإدارة: كلها أولويات معلنة تثبت أن البلاد لا تسعى إلى الانغلاق، بل إلى إعادة البناء على أسسها الخاصة.
وفي مواجهة التحديات الأمنية ومتطلبات التنمية، لا تكتفي الدبلوماسية التحولية التي أطلقها الرئيس إبراهيم تراوري بالشعارات، بل تترجمها إلى أفعال. وهي دبلوماسية تُلهِم. فمن خلال إعادة الاعتبار للسيادة الوطنية واختيار الحلفاء بحرية، تبعث بوركينا فاسو برسالة قوية إلى العالم: لقد أصبحت فاعلًا يحظى بالاحترام، وشريكًا يعتمد عليه، لا مجرد ساحة نفوذ.
