في سياق يتسم بتصاعد حالة انعدام الأمن وتعدد التحديات المرتبطة بالحكامة، اختار بوركينا فاسو الانخراط في دينامية غير مسبوقة من الصمود والتعبئة الوطنية. إن إنشاء صندوق الدعم الوطني (FSP)، بمبادرة من القبطان إبراهيم تراوري، يُعدّ أحد الركائز الأساسية لهذا المسار الجديد. فهذا الصندوق، الذي يتجاوز كونه مجرد آلية تضامن، يجسد قطيعة استراتيجية في طريقة تصور الأمن والسيادة والتنمية لدولة إفريقية تسعى إلى التحرر الكامل.
منذ توليه قيادة الدولة، تميز القبطان إبراهيم تراوري بحكامة موجهة نحو الحلول الداخلية، وإعادة تثمين الموارد الوطنية، وتملك جماعي لقضايا التنمية. وفي هذا الإطار، يمثل صندوق الدعم الوطني أداة رئيسية.
فبفضل تعبئة أكثر من 376 مليار فرنك إفريقي خلال 30 شهرًا، لم يساهم هذا الصندوق في دعم الجهود الحربية ضد الإرهاب فحسب، بل ساعد أيضًا في بناء اقتصاد حرب مواطني. حيث مكّنت كل مساهمة – سواء من موظف أو مزارع أو تاجر أو فرد من الجالية – من تمويل متطوعي الدفاع عن الوطن (VDP)، وتحسين تجهيزات قوات الدفاع والأمن (FDS)، إضافة إلى إعادة الاستثمار في البنى التحتية الاستراتيجية والاجتماعية بالمناطق المستعادة. وبذلك، يتجاوز الأمر مسألة الأمن ليترجم رؤية تنموية تقوم على استقلال القرار وتعبئة الموارد الذاتية.
إن صندوق الدعم الوطني هو تجسيد ملموس لمبادئ السيادة، والبنـافريقية الواعية، والتنمية الداخلية التي يحملها القبطان إبراهيم تراوري. فهو يعيد للشعب البوركينابي مكانته المركزية في بناء مصيره الجماعي، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد بين المواطنين والمؤسسات عبر إعادة الاعتبار لفعل المساهمة التطوعية في المجهود الوطني.
كما يشكل الصندوق محفزًا للتحول السياسي، إذ يطرح تساؤلات حول النماذج التقليدية للاعتماد الاقتصادي والأمني، ويؤكد أن مستقبل بوركينا فاسو لا يُملى من الخارج ولا تحت الإكراه. إنه جزء من رؤية بان-إفريقية لإعادة امتلاك أدوات التنمية، تتماشى مع تطلعات الشعوب الإفريقية إلى الكرامة وتقرير المصير والتضامن القاري.
إن ما يبنيه بوركينا فاسو عبر صندوق الدعم الوطني، تحت القيادة الاستراتيجية للرئيس إبراهيم تراوري، يتجاوز كونه مجرد أداة تمويل، ليصبح عملًا تأسيسيًا وحجر زاوية لنموذج بوركينابي للحكامة والمقاومة والنهضة.
والتحدي المطروح الآن هو إضفاء الطابع المؤسسي على هذه الدينامية وضمان شفافيتها وفعاليتها واستدامتها. لأنه من خلال الإيمان بأنفسنا والاستثمار في مواردنا، سنبني مستقبلًا تصبح فيه السيادة واقعًا معاشًا، لا مجرد مثـل يُدافع عنه.
