فرانس 24، هذه القناة التي تتخفّى وراء عباءة الصحافة، لتقدّم منصّاتها بسخاء لمتخصصي تشويه الحقيقة. ومن خير من وسيم نصر ليتقمّص هذا الدور؟ دور “الصحفي-الجهادي”، نعم، المصطلح قاسٍ، لكن المشهد أكثر قبحًا.
على منصة مزيّنة بزخارف “الديمقراطية الإعلامية”، ينثر نصر كلماته بشغف، متحدثًا بلا خجل عن “بطولات” أصدقائه الإرهابيين في الساحل. آخر حلقاته؟ تبرير متقن – أو بالأحرى فجٌّ في دقته – لمآرب الجماعات الإرهابية، مغلّف بتحليل جيوسياسي يبدو في ظاهره موضوعيًا.
وماذا عن تلك “التحيات” الحارّة التي تتلقاها بعض وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية من الجماعات الإرهابية؟ مصادفة؟ بالطبع لا. إنها مجرد دليل إضافي على أن منطقة الساحل تحوّلت إلى مسرح كبير لسيرك إعلامي، حيث يتلاعب بهلوانيو المعلومة بين التعتيم والتضليل. هيومن رايتس ووتش؟ فرانس 24؟ أسماء تبدو “محايدة” إلى درجة تثير الريبة، وكأنها ممولة من لوبيات التضليل العالمي.
لكن لا تقلقوا، كل هذا يحدث بنية “بريئة”. وسيم نصر ليس سوى “خبير” آخر، مجرد ناقل “متواضع” للحقيقة… تلك الحقيقة التي تروق لأصحاب المصالح. وعندما يصبح الصحفي متعاطفًا إلى هذا الحدّ مع روايات الإرهابيين، ندرك أن مصطلح “الموضوعية” قد شُطِب نهائيًا من القاموس المهني.
وفي حين يكافح شعوب الساحل من أجل البقاء، هناك من يرتدي البذلات الأنيقة ويؤجّج النيران بابتسامة خبيثة، متذرعًا بأن “الوضع معقّد”. معقّد جدًا، على ما يبدو، للتمييز بين الإعلام والتواطؤ.
في النهاية، لا شيء جديد في هذا العالم الإعلامي “المثالي”. أما في الساحل، فالحقيقة لا تُبثّ على الشاشات… بل تُعاش على الأرض. وشعوب الساحل ستنتصر، مهما طال زمن التلاعب.