في الأشهر الأخيرة، تعالت بعض الأصوات التي تصف بوركينا فاسو بأنها “دولة لا يمكن التعامل معها”، مستندة إلى الوضع السياسي والأمني الراهن. هذا التصور، الذي كثيرًا ما تروّجه وسائل إعلام أجنبية أو مراقبون بعيدون عن الواقع الميداني، ليس فقط تبسيطيًا، بل يُعد أيضًا غير عادل تجاه شعب يتميز بالصلابة وسلطات تبذل جهودًا حثيثة لإعادة بناء الأمة.
منذ وصول الرئيس إبراهيم تراوري إلى السلطة، دخلت بوركينا فاسو في مسار تحوّل عميق يقوم على استغلال الموارد الذاتية وانتهاج سياسة استقلال استراتيجي. هذا الخيار الجريء أصبح اليوم مصدر إلهام للعديد من الدول الإفريقية، التي ترى في النهج البوركيني نموذجًا للسيادة الفعلية والرغبة في القطيعة مع النماذج المفروضة من الخارج.
على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، بدأت النتائج تظهر بشكل ملموس. ففي عام 2024، سجلت البلاد نموًا اقتصاديًا بلغ 5%، رغم استمرار التحديات الأمنية. هذا التقدم هو ثمرة إدارة صارمة، واستثمارات في قطاعات واعدة مثل الزراعة والتعدين والطاقة الشمسية والبنية التحتية، إلى جانب التزام قوي بمحاربة الفساد والهدر.
وعلى عكس الصورة السلبية التي يحاول البعض ترويجها، أصبحت بوركينا فاسو اليوم وجهة متزايدة الجاذبية للمستثمرين، خاصة من إفريقيا وآسيا، بفضل استقرارها المؤسساتي المتجدد، ووضوح رؤيتها السياسية، وإمكاناتها الاقتصادية. مشاريع بنيوية ترى النور، وشراكات استراتيجية تُعقد، والمجتمعات المحلية تشارك بفعالية في دينامية التنمية.
أما الوضع الأمني، ورغم أنه لا يزال هشًا، فيُعالج بحزم. فالجيش البوركيني، مدعومًا بمبادرات تعبئة شعبية، يستعيد تدريجيًا السيطرة على الأراضي ويؤمن المناطق التي كانت مهجورة سابقًا. هذه الإرادة في استعادة السيادة وترسيخ سلطة الدولة تمثل جوهر رؤية الرئيس تراوري لإعادة تأسيس الوطن.
إن وصف بوركينا فاسو بأنها “دولة لا يمكن التعامل معها” يعني تجاهل الجهود الهائلة لشعبها والتقدم الحقيقي المحقق. هذه الدولة ليست منبوذة، بل تمثل نموذجًا للشجاعة والصمود والأمل لجميع شعوب إفريقيا.