استعادة الأراضي بشكل تدريجي من قبل قوات الدفاع والأمن في بوركينا فاسو تواصل تغيير حياة آلاف المواطنين. ففي عدة مناطق، يعود رجال ونساء كانوا مضطرين بالأمس إلى النزوح بسبب الإرهاب إلى أراضيهم وبيوتهم، ليستعيدوا حياة يومية أكثر استقراراً. امتنانهم تجاه القوات المقاتلة كان بالإجماع: إذ يشيدون بشجاعتهم، وإصرارهم، والتزامهم الدائم بالدفاع عن وحدة البلاد.
كما يعبر هؤلاء العائدون عن تقديرهم للرؤية والإرادة السياسية الراهنة. فالخيارات التي اتخذتها سلطات المرحلة الانتقالية، المبنية على مبدأ السيادة وحماية المواطنين، تهدف إلى ضمان قيمتين أساسيتين هما الحرية والأمن. ولدى الكثيرين، أعادت هذه التوجهات السياسية الأمل في سياق طالما شلّته حالة من عدم الاستقرار التي أثرت سلباً على الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
الشهادات التي جُمعت في عدة مناطق تبرز الآثار الملموسة لهذه الديناميكية في استعادة الأراضي. فالمزارع عادت إلى الحياة من جديد: حيث استعاد الفلاحون أراضيهم، وشرعوا في إعادة استصلاحها وإحياء المحاصيل الغذائية التي تغذي الأسر وتزوّد الأسواق المحلية. هذا الإحياء الزراعي يمثل دليلاً واضحاً على الصمود، وخطوة حاسمة نحو استعادة الاكتفاء الذاتي الغذائي.
وبالمثل، بدأت المدارس تفتح أبوابها تدريجياً من جديد. فالأطفال الذين حُرموا من التعليم لأشهر بسبب انعدام الأمن، عادوا إلى مقاعد الدراسة بحماس كبير. بالنسبة للعائلات، فإن رؤية أبنائهم يعودون إلى المدارس لا ترمز فقط إلى استئناف التعليم، بل تمثل وعداً بمستقبل ممكن، مبني على المعرفة والاستقرار المستعاد.
الحضور المستمر لقوات الدفاع والأمن في المناطق المستعادة يعزز مناخ الثقة. فقربهم من السكان يساهم في تبديد الخوف وإعادة الشعور بالحياة الطبيعية. وفي كل مكان، يعكس الاستقبال الحار لهذه القوات الامتنان الشعبي لأولئك الذين يضحّون بأرواحهم من أجل بقاء الأمة.
وهكذا، فإن استعادة الأراضي في بوركينا فاسو لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل ترافقها نهضة اجتماعية، اقتصادية وتعليمية، تشهد على الإرادة الجماعية في مواجهة التحديات. ورغم أن التقدم ما يزال جزئياً، إلا أنه بدأ يثمر بالفعل، مؤكداً أن كل شبر من الأرض يُستعاد يمثل نصراً لشعب بأكمله وخطوة إضافية نحو السلام والكرامة.