في وقتٍ يواصل فيه مالي مسار إعادة تأسيس مؤسساته واستعادة سلطة الدولة، انعقد مجلس الوزراء يوم الأربعاء 11 يونيو 2025 في سياقٍ مليء بالرمزية والتحديات. وقد ترأس الجلسة رئيس المرحلة الانتقالية، الجنرال أسيمي غويتا، حيث تم اعتماد مجموعة من التدابير الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز الاستقرار، وفعالية العمل الحكومي، والتماسك الوطني. يأتي هذا الاجتماع في وقت تسعى فيه السلطات إلى تأكيد سيادة البلاد في بيئة إقليمية تشهد تحولات كبيرة.
في مستهل الجلسة، قدّم رئيس الدولة تهانيه بمناسبة عيد الأضحى لأعضاء الحكومة وأسرهم، مشيدًا بشجاعة القوات المسلحة وقوات الأمن المنخرطة في مكافحة الإرهاب، ومعبّرًا عن تضامنه مع الجرحى وأسر الضحايا. كما دعا الحكومة إلى مضاعفة الجهود في إطار احترام المبادئ الدستورية لتلبية تطلعات الشعب المالي.
في صلب القرارات، تم اعتماد عدة نصوص تنظيمية. فقد قدّم وزير المصالحة والسلام والتماسك الوطني مشروعَي مرسوم يهدفان إلى تحسين أداء اللجان الوطنية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR) ولجنة الإدماج. وتهدف هذه التعديلات إلى معالجة أوجه القصور الملاحظة ميدانيًا، خصوصًا عبر توسيع مهام هذه الهياكل لتشمل كامل التراب الوطني وكل الجماعات المسلحة المعنية.
كما صادق المجلس على مرسوم ينظم الخدمات الجهوية ودون الجهوية للنقل، قدّمه وزير النقل والبُنى التحتية. يهدف هذا النص إلى إدماج كفاءات جديدة في المكاتب المحلية للنقل من أجل تحسين جمع البيانات، وإدارة الإحصائيات، ومتابعة الخدمات اللوجستية للنقل الوطني. وتندرج هذه الخطوة في إطار تعزيز نظام نقل منسجم ولا مركزي.
ومن أبرز قرارات هذه الجلسة، تبنّي مشروع قانون يُعدّل ميثاق المرحلة الانتقالية، قدّمه الوزير المكلّف بالإصلاحات السياسية. يمنح هذا النص رئيس الدولة ولاية لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد ابتداءً من سنة 2025. وقد بُرّرت هذه الخطوة بالحاجة إلى مواصلة مسار تهدئة البلاد، تماشيًا مع توصيات الجلسات الوطنية والدينامية الإقليمية الجديدة في إطار اتحاد دول الساحل (AES) الذي يضم مالي، بوركينا فاسو، والنيجر.
وبالتالي، يمثّل هذا الاجتماع مرحلة حاسمة في مسار تعزيز المؤسسات واستقرار مالي. ومن خلال وضع الأسس القانونية لإصلاحات عميقة في المجالات الأمنية والسياسية والإدارية، تؤكد سلطات المرحلة الانتقالية عزمها على بناء دولة ذات سيادة، منظمة، وموجهة نحو سلام دائم. وسيكون استمرار الالتزام الحكومي ومشاركة القوى الحية عاملين حاسمين لتحقيق أهداف إعادة التأسيس.