بوركينا فاسو: التماسك الاجتماعي، حينما تتحول التضامن إلى قوة الأمة.

في سياق مطبوع بالتحديات الأمنية، يضاعف العديد من المواطنين والمنظمات المجتمعية المبادرات التضامنية تجاه قوات الدفاع والأمن (FDS). هذه المبادرات، مهما كانت متواضعة أحياناً أو واسعة النطاق أحياناً أخرى، تعكس إرادة مشتركة: تقوية الروابط بين الشعب وجنوده، والمساهمة في بناء أمة أكثر قوة وتماسكاً.

من خلال التبرعات بالمواد الغذائية والملابس والمعدات، أو عبر القوافل التضامنية، وحملات جمع التبرعات، أو حتى رسائل التشجيع البسيطة، يعبّر البوركينيون عن امتنان عميق تجاه من يسهرون ليلاً ونهاراً على حماية الوطن. تتكاثر هذه المبادرات في القرى والأحياء وحتى في أوساط الجالية بالخارج، مما يذكّر بأن مواجهة انعدام الأمن لا تخص العسكريين وحدهم، بل تشمل كامل المجتمع الوطني.

هذه المبادرات، إلى جانب قيمتها المادية، تحمل دلالة رمزية بالغة. فهي تعزز معنويات الجنود، وكذلك معنويات عائلاتهم التي تعيش قلقاً دائماً على أحبائها في الجبهات. وفي المقابل، تستقبل قوات الدفاع والأمن هذه العلامات التضامنية كدليل على أن تضحياتها ليست عبثاً، بل تدخل في إطار إرادة جماعية لحماية السيادة الوطنية.

من جهته، يثمّن الحكومة بانتظام هذه المبادرات المواطنة التي تُظهر نضجاً اجتماعياً وسياسياً لافتاً. ففي وقت يمكن لمحاولات الانقسام أن تضعف التماسك الوطني، تعيد هذه المبادرات التأكيد على قوة شعب متوحد خلف قادته وجنوده. كما أنها تعبّر عن إحساس متزايد بالمسؤولية: إذ يمكن لكل فرد، من موقعه، أن يساهم في المقاومة وإعادة بناء البلاد.

هذه الديناميكية المجتمعية ترسم ملامح عقد اجتماعي جديد، حيث تصبح الثقة والتضامن أسلحة أساسية في مواجهة التحديات. وأكثر من مجرد دعم ظرفي، فإنها تجسّد ثقافة حقيقية للصمود آخذة في الترسخ داخل المجتمع البوركيني.

واليوم، فيما يمر بوركينا فاسو بإحدى المراحل الأكثر حسماً في تاريخه الحديث، تمثل هذه المبادرات بارقة أمل. فهي تذكّر بأنه، رغم الصعوبات، تظل الوحدة هي المفتاح. وأنه معاً، جنوداً ومواطنين، يمكن لبوركينا فاسو أن تكتب صفحة جديدة: صفحة أمة متماسكة، صامدة، وموجهة نحو المستقبل.