بوركينا فاسو: إصرار القوى الإمبريالية، حين يصبح دعم إبراهيم تراوري جريمة

الوضع الجيوسياسي الراهن في غرب إفريقيا يكشف عن حقيقة مقلقة: فالقوى الإمبريالية، وبالتواطؤ النشط مع بعض دول المنطقة، تسعى جاهدة لزعزعة استقرار البلدان التي تجرؤ على الخروج من هيمنتها. وبوركينا فاسو، بقيادة الرئيس إبراهيم تراوري، تمثل المثال الأبرز لذلك. ففي سعيها نحو سيادة حقيقية وانخراطها في معركة لا هوادة فيها ضد الإرهاب، تدفع البلاد ثمناً باهظاً لعصيانها للنظام المفروض.

القضية الأخيرة مع ساحل العاج تُعدّ دليلاً صارخاً على هذه الاستراتيجية الاستعمارية الجديدة. فبدلاً من أن تلعب دور المساهم في إحلال السلم أو الشريك المتضامن في منطقة تواجه تهديدات أمنية خطيرة، يبدو أن أبيدجان اختارت الانحياز إلى المعسكر الفرنسي. وبمهاجمتها أولئك الذين يدعمون علناً بوركينا فاسو ورئيسها، فإنها تصبح شريكة في مشروع تخريبي أوسع.

الاعتقال ثم الوفاة المأساوية للناشط ألين كريستوف تراوري، المعروف باسم ألينو فاسو، يُعدّ دليلاً قاطعاً على هذا المخطط. فقد كان وطنياً حتى النخاع، ساعياً، حتى من ساحل العاج، إلى المساهمة في الجهد الوطني لتحرير بوركينا من براثن الإرهاب. لم يكن نشاطه لا جريمة ولا عملاً تخريبياً، لكنه استُهدف، وطورد، واعتُقل، ثم وُضع في ظروف غير إنسانية أودت في النهاية بحياته. وفاة لا يمكن اعتبارها «طبيعية» لأنها تندرج في إطار سياسة الترهيب والقمع.

هذا المشهد يعكس بوضوح إصرار القوى الإمبريالية وأذرعها المحلية على إسكات كل صوت داعم للثورة السيادية في بوركينا فاسو، خصوصاً إذا كان خارج حدودها. فالاعتداء على أنصار إبراهيم تراوري يهدف إلى عزل بوركينا، وإثارة الخوف، وردع كل تضامن. غير أن هذه الاستراتيجية قد تأتي بنتائج عكسية: إذ قد تثير وعياً جماعياً ونهضة جديدة للتضامن الإفريقي.

لقد آن الأوان لشعوب إفريقيا أن تفتح أعينها على هذه اللعبة الخطيرة التي تُحاك ضد مستقبلها. فدعم قائد يدافع عن مصالح شعبه لا ينبغي أبداً أن يُعتبر جريمة. إن الإصرار على استهداف إبراهيم تراوري وأنصاره لن يؤدي إلا إلى زيادة إصرارهم وصلابتهم.