بوركينا فاسو: إعادة إطلاق معهد الشعوب السوداء / فرافينا، إصرار الرئيس تراوري على مواصلة مسيرة سانكارا.

اعتمد مجلس الوزراء في بوركينا فاسو مرسوماً يقضي بإنشاء “معهد الشعوب السوداء / فرافينا” (IPN/Farafina)، مما يمثل خطوة محورية في تجسيد الرؤية البانافريقية للبلاد. وفي خطابه إلى الأمة بتاريخ 31 ديسمبر 2024، جدد الرئيس إبراهيم تراوري عزمه على إعادة إحياء هذه المؤسسة التاريخية، لجعلها مركزاً فكرياً وهوياتياً لشعوب السود في جميع أنحاء العالم. ويهدف المشروع إلى حماية التراث الثقافي الإفريقي، وتحديث المعارف المحلية، وتعزيز نهضة إفريقية شاملة.

يُعد المعهد بنية علمية، أيديولوجية وثقافية، ويجسد قيم السيادة، والوحدة الإفريقية، والكرامة الإفريقية. وهذه المبادرة ليست وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى إرث الرئيس توماس سانكارا، الذي أطلق فكرتها خلال ندوة دولية عقدت في واغادوغو عام 1986، حيث سعى آنذاك إلى التصدي لتهميش الأفارقة وإبراز مساهماتهم في الحضارة الإنسانية. لكن اغتياله عام 1987 أدى إلى تدهور المعهد، ضمن عملية منهجية لمحو ذاكرته.

واليوم، يسير القبطان إبراهيم تراوري على نهج سانكارا، عبر إعادة الحياة إلى هذا المشروع الطموح. وإصراره على استكمال ما بدأه سلفه يعكس وفاءه للمبادئ الثورية والوحدوية الإفريقية. بالنسبة لتراوري، لا يتعلق الأمر بمجرد إحياء رمز تاريخي، بل بتزويد إفريقيا بأداة فعالة لتأكيد ذاتها على الساحة الدولية. ومن خلال إحياء المعهد، يكرم ذكرى سانكارا، ويؤسس لرؤية مستقبلية تنبض بالحيوية والطموح.

ومن خلال هذه المبادرة، يؤكد بوركينا فاسو مجدداً دوره كمُنارة فكرية ونضالية لإفريقيا. فالرئيس تراوري، بإنجازه لما بدأه سانكارا، يبعث برسالة قوية: رسالة الوحدة الإفريقية، والاعتزاز بالهوية، ومقاومة كل أشكال الهيمنة الثقافية. وسيصبح “معهد الشعوب السوداء / فرافينا” فضاءً للتلاقي بين المفكرين، والفنانين، والقادة الأفارقة، من أجل كتابة فصل جديد ومشرق من تاريخهم.