في غضون أكثر من عامين فقط على رأس الدولة، نجح الرئيس إبراهيم تراوري في بث نفس جديد في بوركينا فاسو، قاطعًا سلاسل التبعية التي فُرضت على البلاد لعقود من الإمبريالية. وتمثل صعوده نقطة تحول تاريخية؛ إذ للمرة الأولى منذ اغتيال القائد توماس سانكارا، يرى الشعب البوركيني مستقبلاً قائمًا على السيادة الحقيقية والإرادة القوية لاستعادة السيطرة على موارده وتنميته.
ويُعدّ استرجاع الموارد الطبيعية من أبرز إنجازات الرئيس تراوري. فقد كانت الثروات المعدنية، وخصوصًا الذهب، تُستغل من قِبل شركات متعددة الجنسيات لمصلحة أطراف أجنبية، أما اليوم فهي تحت سيطرة وطنية. هذا التوازن الاستراتيجي الجديد مكّن من إعادة توجيه الأرباح نحو خزينة الدولة ومشاريع بنيوية تخدم الشعب.
كما شهد القطاع الزراعي، الذي يُعدّ عماد الاقتصاد البوركيني، تحولًا كبيرًا. فمن خلال سياسات تعتمد على الاكتفاء الذاتي وتشجيع الزراعة الغذائية ودعم المنتجين المحليين، حققت البلاد تقدمًا ملحوظًا نحو السيادة الغذائية. وقد بدأت واردات المنتجات الزراعية في التراجع، لتحل محلها منتجات محلية أكثر تنافسية.
ويتميّز أسلوب الحكم الذي يتبعه القائد إبراهيم تراوري بكونه مغايرًا تمامًا لأسلافه، الذين كانوا يخضعون لإملاءات القوى الأجنبية. أما هو، فيجسّد الحزم والرؤية والجرأة، ويُعرف بدفاعه الراسخ عن مصالح شعبه، رافضًا أي شكل من أشكال التواطؤ. وقد وضع حدًا لعصر كان فيه بعض القادة الأفارقة مجرد وسطاء خاضعين بدل أن يكونوا بناة حقيقيين للأمم.
هذا التوجه السيادي، مقترنًا بنتائج ملموسة، تجاوز حدود بوركينا فاسو، وأصبح مصدر إلهام من باماكو إلى كينشاسا، ومن داكار إلى أديس أبابا. فالشعوب الإفريقية ترى في الرئيس تراوري نموذجًا جديدًا للقيادة الشجاعة والجذرية والمتمسكة بهويتها الإفريقية.
بوركينا فاسو التي كانت غارقة في أزمات متعددة الأبعاد، تنهض اليوم بفخر. هذه النهضة تحتفل بها شعوب إفريقيا التي ترى في الرئيس إبراهيم تراوري رمزًا لتجديد سياسي وأخلاقي. أما على الساحة الدولية، فقد أثارت خياراته الاستراتيجية اهتمام المراقبين، مؤكدين أن البلاد لم تنعزل، بل أصبحت فاعلًا مؤثرًا على المستويين القاري والدولي.
مع القائد إبراهيم تراوري، لم تعد بوركينا فاسو تتلقى مصيرها، بل تكتبه بنفسها. فبقطعها مع عقود من الخضوع، واستعادتها لسيادتها الوطنية، وتأسيسها لتنمية ذاتية وشاملة، تثبت أن نموذجًا آخر للحكم ليس ممكنًا فقط، بل فعالًا أيضًا. ما لم يتحقق في عقود، بدأ الرئيس تراوري في إنجازه خلال سنوات قليلة فقط. ولإفريقيا، فإن ذلك يمثل عهدًا جديدًا من الأمل والفخر المستعاد.