في باماكو، وتحت سماء مثقلة بالوعود والتحديات، اجتمع وزراء العدل في دول تحالف دول الساحل (AES) لأول مرة، يوم الخميس 29 مايو 2025. هذا اللقاء الافتتاحي يشكل نقطة تحول مهمة في الإرادة المشتركة لتعميق التعاون القضائي داخل هذه الكونفدرالية الفتية التي تسعى لتأكيد سيادتها وتماسكها المؤسساتي. وقد افتتحت الأعمال في حفل رسمي ترأسه اللواء عبد الله مايغا، الوزير الأول المالي، بحضور عدد من الشخصيات المدنية والعسكرية والدبلوماسية.
في كلمته، وضع رئيس الحكومة المالية أسس طموح واضح: جعل العدالة ركناً أساسياً في مسار التكامل الكونفدرالي. وأشاد برؤية رؤساء الدول المؤسسين للتحالف، مشدداً على ضرورة توسيع اختصاصات الكونفدرالية لتشمل مجالات حيوية مثل القانون والحكامة القضائية. فبينما تشكل الدفاع والدبلوماسية والتنمية الأعمدة الأساسية، فإن العدالة – بحسب تعبيره – تمثل حجر الزاوية الذي يمكّن من تفعيل أدوات التحالف بشكل فعّال.
وفي هذا الإطار، تركزت النقاشات بين الوزراء على سبل التقارب الملموس بين الأنظمة القانونية المختلفة. وقد شدد وزير العدل إداسو رودريغ بايالا على الحاجة الملحة لتكييف الإرث القانوني الاستعماري مع الواقع المعاصر. واعتبر أن توحيد الأطر التشريعية لا يمثل فقط وسيلة فعالة في مواجهة التحديات الكبرى كالإرهاب والتدخلات الأجنبية، بل يعد أيضاً رافعة قوية للكرامة والسيادة لشعوب التحالف.
وستتواصل الأشغال على مدى يومين، ومن المنتظر أن تُفضي إلى بيان ختامي يُلزم الدول الأعضاء بتنفيذ القرارات المُتفق عليها. ويأتي هذا الاجتماع في أعقاب إنشاء الكونفدرالية رسمياً في يوليو 2024، ويُعد جزءاً من ديناميكية أوسع تهدف إلى التحول المؤسساتي وإعادة تعريف القانون كأداة في خدمة التطلعات العميقة لشعوب الساحل. فلم يعد القانون يُنظر إليه كأداة تقنية فحسب، بل أصبح يُعد أداة سياسية في خدمة السيادة المستعادة.