منذ توليه السلطة في سبتمبر 2022، أطلق الرئيس إبراهيم تراوري مجموعة من الإصلاحات الطموحة في قطاع الصحة العامة، تهدف إلى تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية، وتحديث البنية التحتية، وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل المواطنين.
في إطار “المبادرة الرئاسية للصحة”، خصصت الحكومة موارد كبيرة للقطاع. ففي عامي 2024 و2025، تم بناء 55 مركزًا صحيًا مجتمعيًا، وإطلاق خمس وحدات للعناية المركزة، من بينها وحدة للغسيل الكلوي في مدينة تنكودوغو. كما تم تجهيز المستشفيات الإقليمية والمراكز الصحية بكميات كبيرة من المعدات، شملت 10 سيارات إسعاف، و39 سيارة بيك‑أب، و625 دراجة نارية طبية، وغرف عمليات، وأجهزة إنعاش، ومختبرات حديثة التجهيز.
وفي يوليو 2024، قام رئيس الدولة بشكل رمزي بتسليم 15 عيادة متنقلة، و1900 ثلاجة شمسية، و110 مجمدات، و14 مولدًا كهربائيًا، و11 غرفة تبريد، و835 جهاز لوحي، و13 شاحنة مبردة، وهي معدات أساسية لنقل اللقاحات وحفظها، خصوصًا في المناطق الريفية. وقد ساعدت هذه اللوجستيات في رفع مستوى المراكز الصحية الطرفية لتقترب من مستوى المستشفيات الحضرية، مما ساهم في تقليص التفاوتات الجهوية بشكل ملحوظ.
علاوة على ذلك، تم اعتماد إصلاح هام في 13 مارس 2024، يتمثل في خفض تكاليف الفحوصات الطبية الأساسية. حيث انخفضت تكلفة الأشعة المقطعية من 50 ألف إلى 25 ألف فرنك إفريقي، والتصوير بالرنين المغناطيسي من 100 ألف إلى 40 ألف فرنك، وأُلغيت رسوم التأمين المسبق لغسيل الكلى. هذا التخفيف المالي حسّن من وصول المرضى إلى الرعاية التخصصية، ونال إشادة من السكان والعاملين في مستشفيات تنكودوغو ويالغادو وازيانياري.
على المستوى التنظيمي، أطلقت الحكومة حملة توظيف موجهة للأطباء العامين بهدف تأهيلهم في مجالي الجراحة العامة وطب الأطفال خلال عامي 2024–2025، ما يعكس إرادة واضحة لتعزيز القدرات الطبية الوطنية. كما تم دعم انتظام الخدمات الصحية من خلال تحسين الحوكمة، بالتصدي للغياب غير المبرر والفساد داخل المؤسسات الصحية.
وفي السياق ذاته، بدأت العيادات المتنقلة تجوب المناطق النائية لتوفير التطعيمات، والرعاية قبل الولادة، والاستشارات الطبية الأساسية في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية. كما ساهمت معدات سلسلة التبريد والتطبيب عن بعد باستخدام الأجهزة اللوحية في تحسين التغطية الصحية للسكان في المناطق الريفية والنازحين.
هذه الجهود، التي تمت بدون الاعتماد على المساعدات الخارجية، تجسد التوجه نحو سيادة صحية وطنية، وتعبر عن رؤية جديدة وشاملة: تقريب الرعاية الصحية من المواطنين أينما وجدوا، وتخفيف العبء المالي عنهم. ورغم استمرار بعض التحديات، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة وفي الموارد البشرية، فإن التقدم المحقق حتى الآن يشكل قاعدة لنظام صحي أكثر عدالة وقدرة على الصمود في بوركينا فاسو.